ماذا قدمت فعالية عاصمة الثقافة لطرابلس


اعداد نعمات اكومه
عرف ابن خلدون الثقافة انها العمران، الذي يتناول الحياة الاجتماعية بكاملها، ويضم مختلف أشكالها وألوانها وفي حديث شريف قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “العربيُّ مُرَبٍّ، والأعجميُّ مُعلِّمٌ”، مشيرًا إلى أهمية تبادل المعرفة بين الثقافات.
الثقافة بمدلولها المتعارف عليه تشمل مجموع العلوم وما يتصل اليه من فنون وادب حتى بات عنوانا كبيرا يندرج تحته كل انسان مميز بعلمه او كل عمل احترافي يقدم للمجتمع بقيمة حضارية حتى لو كان ترفيهيا.
هي عنصر مهم في حياة المجتمع ومحور من محاور التنمية الشاملة. وتهدف إلى تنشيط المبادرات الخلاقة وتنمية الرصيد الثقافي والمخزون الفكري والحضاري، هي كل ما يضيء العقل، ويهذّب الذوق، وينمّي موهبة النقد، اما الثقافة العربية فهي المرآة التي تعكس طبيعة الحياة الاجتماعية والفكرية عند العرب، وتساهم في توضيح مكونات المجتمع العربي والقيم الأصيلة الخاصة به، انها منظومة متكاملة من الأسس التي تعمل على تعزيز دور اللغة العربية في نقل الصورة الحقيقية عن الشعوب العربية إلى الشعوب الأخرى.
بدأت فكرة عاصمة الثقافة العربية عام 1996 بناء على اقتراح المجموعة العربية في الاونيسكو على غرار عاصمة الثقافة الأوروبية وكان الهدف منها تنشيط المبادرات الخلاقة وتنمية الرصيد الثقافي والمخزون الفكري والحضاري، وذلك عبر إبراز القيمة الحضارية للمدينة المستضيفة لفعاليات تظاهرة العاصمة الثقافية وتنمية ماتقوم به من دور رئيسي في دعم الابداع الفكري والثقافي تعميقاً للحوار الثقافي والانفتاح على ثقافات وحضارات الشعوب وتعزيز القيم، التفاهم والتآخي، التسامح واحترام الخصوصية الثقافية.
في نهاية كل سنة تقوم العاصمة الثقافية بتسليم الراية الى عاصمة أخرى لابراز وجه جديد من الثقافة العربية التي على مر العصور كان لها دور فعال في بناء المجتمعات الراقية وتنمية العلوم والانفتاح على على كل ما من شأنه ان يساهم في نهضة الاجيال العربية.

تشرفت مدينة طرابلس في العام 2024 باختيارها كعاصمة للثقافة العربية لما لها من تاريخ مضيء قديم حديث فطرابلس المعروفة بمدينة العلم والعلماء منذ العصر الفاطمي لاحتضانها أكبر مكتبة في العالم العربي، والتي كانت تحتوي على أكثر من مليون كتاب، قبل أن تندثر ويختفي أثرها، وكانت تضم 365 مدرسة، متفوّقة آنذاك بذلك على سائر المدن اللبنانية والعربية، هذا فضلا عن امتلاكها ارثا ثقافيا يتمثل في العشرات من سجلات المحاكم الشرعية التي تمثل ارثا تقافيا غنيا من المعطيات التاريخية والعسكرية الموثقة العائدة الى الحقبة العثمانية كما انها تضم اكبر معرض على ساحل المتوسط بمساحة مليون متر مربع مدرج على لائحة الاونيسكو للتراث العالمي.

وقد تأخرت استضافة فعاليات طرابلس مدينة للثقافة العربية لعدة سنوات مرة بسبب وباء كورونا وأخرى بسبب الظروف الطارئة الاقتصادية التي المت بالبلد ومن ثم انفجار مرفأ بيروت الا ان سنة 2024 حملت اللقب لطرابلس التي كانت تأمل عبر وزارة الثقافة وعبر فعاليات الحدث العربي ان تحظى بالاهتمام الذي تستحقه، فطرابلس هي عاصمة المماليك الثانية بعد القاهرة لما تحتويه من آثار مملوكية كما انها تحتوي على العديد من الآثار العثمانية لم يؤت على ذكرها خلال الفعاليات ولم تنظم اي جولات للوفود العربية اليها حيث انها مهملة.



في نهاية عام كامل من التظاهرات الثقافية وعلى الرغم من اللجان التي شكلها معالي وزير الثقافة والتي ضمت اكثر من مئة شخص وكان من بينهم عدد لا بأس به من خارج طرابلس والتي بدأت باحتفالية متواضعة لم تستضف وفودا كبيرة وغاب عنها الاعلان عن اي برنامج للفعاليات وانما نشاطات عادية نظمت من أبناء وجمعيات ومنتديات المدينة، التي لطالما طبعت الحياة الاجتماعية في طرابلس فكان لا بد لنا من مراجعة كاملة للانشطة التي رافقت الحدث وما قدمته لطرابلس وما قدمته طرابلس كعاصمة ثقافية للعالم العربي دون ان نهمل ما كان للحرب القاسية الأخيرة من التأثيرات السلبية التي الغت العديد من الفعاليات التي كانت مقررة.

بداية لم تقم لجان المتابعة للفعاليات بالجهد اللازم فكانت الجمعيات والمنتديات والمؤسسات الثقافية تقوم بالاعلان عن نشاط معين برعاية وزارة الثقافة، دون ان تكون هناك دعوة رسمية موحدة صادرة عن راعي الفعاليات.
تم تنظيم العديد من المعارض الحرفية والفنية والتشكيلية والتصويرية والمحاضرات العلمية والادبية والامسيات الشعرية والموسيقية، كما كانت هناك العشرات من الندوات الثقافية والدورات الرياضية والجلسات الفكرية ولكن كل ذلك لم يكن جديدا على المدينة فطرابلس في أيامها العادية يكاد لا يمر يوم دون ندوة ثقافية او ادبية او حفل توقيع كتاب او تكريم شخصية ادبية او فكرية او امسية موسيقية او تراثية.
لم تكن هناك فعالية ضخمة ومميزة يدعى اليها رجال فكر وادب من خارج المدينة ومن خارج لبنان، لم يقدم اي دعم لطرابلس او لمعالمها الاثرية او لمؤسساتها الثقافية، لم تأخذ الفيحاء حقها بابراز هويتها الثقافية، فعلى كثرة النشاطات وتنوعها الا انها كانت خجولة وفردية ولم تجتذب قامات فكرية عربية لمتابعتها لم يكن هناك اي مباراة ثقافية تطبع الحدث الكبير بعنوانه الخجول بتنفيذه.
حتى اللجنة الاعلامية التي شكلها وزير الثقافة لمواكبة الحدث همشت العديد من المؤسسات الاعلامية الرائدة في المدينة وما اكثرها كما لم تنجح في ابراز الفعالية على المستوى العربي فأتت التغطية الاعلامية باهتة وناقصة.
اما اللجان الأخرى التي شكلت لانجاح الفعالية وعلى كثرة اعضائها الا انها لم تكن فاعلة كما يجب ناهيك عن انه لم تكن هناك مشاركة فعالة من المؤسسات التربوية والأكاديمية وهي المعنية الأولى بأمور الثقافة.
الفحر الجديد استطلعت رأي رئيس الرابطة الثقافية وصاحب مجموعة الوفاق نيوز الاعلامية الدكتور رامز فري وكان عضوا في احدى لجان الفعالية “لجنة الآداب ونتاجات الفكر”

رأى انه منذ انطلاق فعاليات طرابلس عاصمة الثقافة العربية مع بداية العام 2024 وقبل الاعلان الرسمي في ايار بدات الانشطة والبرامج تحت هذا العنوان من قبل جمعيات وهيئات محلية مما زاد من الحراك الثقافي في المدينة , بدعم معنوي من وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى الذي بذل كل مابوسعه لانجاح هذه الفعالية وعمل بكل جد وحسن نية من اجل ابراز طرابلس على الخارطة الثقافية العربية ولكن على الرغم من الجهود المبذولة لتنظيم فعاليات مميزة إلا أن هناك بعض التحديات والصعوبات التي واجهت الحدث.
ومن أبرزها الظروف الأمنية والسياسية: حيث شهدت طرابلس في السنوات الأخيرة بعض التفلت الامني، ما أثّر في استقرار المدينة خلال فترة الفعاليات.
التحديات المالية : واجهت المدينة صعوبة في تأمين الميزانيات اللازمة لتنظيم الفعاليات الكبيرة، مما أدى إلى تقليص بعض الأنشطة أو تأخير بعضها، مما أثر على جودة الفعاليات وتنظيمها.
البنية التحتية : رغم الجهود المبذولة، لم تكن البنية التحتية في طرابلس كافية لاستيعاب العدد الكبير من الزوار أو لتقديم التسهيلات اللازمة في بعض الأماكن التي تستضيف الفعاليات الترويج.
الدعاية المحدودة : في بعض الأحيان، لم تتمكن الحملات الإعلامية من الوصول إلى الجمهور العربي والدولي بالشكل المطلوب، مما أثر على التفاعل مع الفعاليات من قبل زوار من خارج لبنان.
الحرب على غزة ومن ثم العدوان على لبنان والذي ادى الى الغاء عدد كبير من الفعاليات التي كانت مقررة في الاسابيع الاخيرة من الاحتفالية.
أما عن الدور الذي لعبته الرابطة الثقافية في هذه الفعالية، فقد كان دور اساسي بداية بانشائها لجنة التواصل بين الجمعيات والهيئات بتكليف من وزير الثقافة منذ الاعلان الرسمي والتي ضمت اكثر من 65 هيئة ومؤسسة لتوحيد الجهود والتعاون المشترك فيما بينها لانجاحها كما اقيم في الرابطة الثقافية بين الانشطة التي اقامتها الرابطة منفردة او بالتعاون مع مؤسسات وهيئات وجمعيات اخرى اكثر من 120 نشاطا من اصل مايقارب 170 نشاطا كان مجموع الانشطة التي اقيمت خلال هذه الاحتفالية رغم كل الصعاب والمعوقات التي واجهتنا.
وكانت هناك ماخذ كثيرة على وزير الثقافة تناولت فشل حفل الاختتام والحضور الضعيف والاشخاص المكرمين حيث كانت هناك آراء تتحدث عن مكرمين كانت ادوارهم ثانوية جدا او شبه معدومة وهذا موضوع تسأل عنه اللجنة او المؤسسة المكلفة بتنظيم حفل الختام ومدى معرفتها وتواصلها مع فعاليات وهيئات وجمعيات المدينة وخاصة الثقافية منها وغير مسؤول عنه وزير الثقافة الذي حاول جاهدا كل هذا العام بانجاح هذه الفعالية اما بالنسبة للمكرمين فلست بصدد تصنيف من يستحق منهم التكريم من عدمه ولكن ما استطيع ان اجزم به بانه كان هناك هيئات وناشطين كان لهم دور كبير خلال هذه الفعالية ويستحقون التكريم والتنويه ولكن للاسف لم يأخذو حقهم وهنا يقع اللوم على الاشخاص الذين زودوا الوزارة بالاسماء.
في الختام اريد ان أؤكد على ان الرابطة الثقافية مستمرة في نشاطها وعملها، وأيديها ممدودة للجميع، وهمها هموم الوطن الكبرى وأولوياتها مدينتها طرابلس الفيحاء وآداتها الفكر والثقافة والقلم واللحن والصوت والصورة.

كما استطلعنا رأي الكاتبة سمر قره عضو اتحاد الكتاب اللبنانيين التي رأت أن فعالية طرابلس عاصمة للثقافة العربية حملت في طياتها بصيص أمل وتأثيراتٍ إيجابيةٍ، وإنْ كانتْ محدودة. لكنَّها، ويا للأسف، لم ترق إلى مستوى التطلعات، وشابتها نواقص جمة في التخطيط والتنفيذ.فالتركيز على التخطيط المسبق، والترويج الفعال، وإشراك المجتمع المحلي، كان من شأنه أن يحدث فرقا كبيرا في تعزيز التجربة الثقافية وضمان استدامتها.لكن ما الذي حدث على أرض الواقع؟
لقد كانت المحصلة مزيجا من الإخفاقات المتكررة في كل ما قام به المعنيون، سواء أكانوا من فريق الوزير المختص بشؤون هذه الفعاليات، أم من المؤسسات واللجان التي عملت خارج نطاق وزارة الثقافة.
فبدلا من أن تُضيء طرابلس بنورِ الثقافة، وتجذب إليها الأنظار من كلِ حدب وصوب، وتُساهم في تنميةِ مختلفِ المجالات، خيمت عليها أجواء من الإخفاق والتخبطِ، والسبب في ذلك، كما يراه الكثيرون، يعود في المقام الأول إلى أبنائها الذين لم يتفقوا على قلب رجل واحد.
وإن كانَ السؤال هل كان من المقدر لهذهِ الفعاليةِ أن تحقق نجاحا أفضل؟
سيكون الجواب هو نعم، بالتأكيد. لو أن التخطيطَ كان أكثر دقة، والترويج أكثر فعالية، والمشاركة المجتمعية أوسع نطاقا، لكان بالإمكان تحقيق نتائج أفضل بكثير.لكن ما حدث، للأسف، يُظهر أن هناك حاجة ماسة إلى إعادةِ النظر في طريقةِ التعامل مع الفعالياتِ الثقافيةِ الكبرى، وإلى ضرورةِ إعلاءِ المصلحةِ العامةِ على المصالح الشخصيةِ الضيقة.

أما الصحافي والكاتب الخبير الدكتور محمد سلطان فقال: في البدء لا بد من تقديم الشكر لكل الجهود التي بذلت في سبيل انجاح هذه الفعالية التي تعكس هوية طرابلس الثقافية بداية من وزير الثقافة السابق محمد وسام المرتضى الى الرابطة الثقافية وبيت الفن ونقابة المهندسين وكل من ساهم ولو بالقليل .
بعد انتهاء الفعالية لا بد من وقفة تقييم ومراجعة والسؤال هل كان ممكن ان تكون الفعالية انجح الجواب طبعا لا سيما ان معظم النشاطات هي ما نراه ونشهده في طرابلس بشكل يومي قبل الفعالية وبعدها، هذه الفعالية التي تأخرت سنتين بفعل الظروف كان لا بد من ان يعد لها بشكل افضل ولتقدم نشاط نوعي غير المعتاد.
كنا تأملنا خيرا بالعدد الكبير للجان المنظمة ولكن تفاجأنا بغيابهم عن معظم الانشطة وكأنهم غير معنيين، والتقصير يحسب على اللجنة الاعلامية بشكل عتب كبير حيث ان معظم الانشطة لم نكن نعرف بها كاعلاميين ووسائل اعلام الا بعد حدوثها وترسل الاخبار من الاشخاص وليس اللجنة الاعلامية وبعد تواصل وعتب باتت ترسل لنا الاخبار من الوزارة في بيروت وليس من اللجنة الاعلامية في الشمال.
برأيي ان الفعالية على اهميتها لم تقدم لطرابلس الكثير وكأنها اعدت على عجل في وقت كانت هناك العناصر البشرية القادرة على تقديم المزيد وتم استبعادها ولا نعرف السبب .




