كل عام ولبنان بخير…

بقلم: باسل هيثم كبارة
إن ذكرى الاستقلال وعيد العلم ليستا مجرد مناسبتين لرفع الرايات وتزيين الساحات، بل هما دعوة عميقة للتفكير في جوهر السيادة ومعنى الحرية في واقعنا الوطني الراهن. فالاستقلال الحقيقي لا يُقاس برسم حدودٍ على الخرائط، بل بقدرتنا على حماية قرارنا السيادي من كل وصاية أو تدخل خارجي، وبمقدار صمودنا في وجه العدو الذي لا يزال يستهدف أرضنا ومياهنا وأجواءنا.
وفي زمن تتكاثر فيه التحديات، يواجه لبنان اليوم اختبارات صعبة: فساد ينهش مؤسساته، وقوى سياسية وطائفية تستمد قوتها من الخارج لتعزيز نفوذها، فيما تتقدم الحسابات الضيقة على حساب المصلحة الوطنية. إن وطناً كهذا لا يستعيد عافيته إلا حين تصبح مصلحة شعبه فوق كل اعتبار، وحين تُفهم السيادة لا كشعار احتفالي، بل كمسؤولية يومية تُمارَس بإرادة اللبنانيين ووعيهم.
في هذه الذكرى، نستحضر حقيقة أن الحرية مسؤولية قبل أن تكون حقاً، وأن العلم الذي نرفعه ليس قطعة قماش، بل رمز لتضحياتٍ صانت استقلالاً لا يُوهَب، بل يُحمى بالثبات والحكمة ويقظة الضمير الوطني. فبداية الاستقلال الفعلي تكون حين تتوقف القوى الداخلية عن الاستقواء بالخارج لتصفية نزاعاتها، وحين يدرك كل لبناني أن وطناً تفتته الانقسامات لن يكون حراً في أعين العالم.
فلنجعل من عيد العلم مناسبة للتجدد الوطني، ولنُجدّد العهد بأن يبقى لبنان سيد قراره، قوياً بوحدته، ثابتاً على مبادئه، وصادقاً مع أبنائه، مهما اشتدت التحديات وتعددت الضغوط.


