الفجر الجديد

قناة ” الجزيرة” عين العالم في غزة”وائل الدحدوح نموذج”


بقلم رئيس التحرير:زياد علوش

قناة الجزيرة الفضائية هي قناةٌ إخبارية عالمية التوجه عربية الانتماء، تلتزم بتقديم المعلومة الدقيقة والخبر الأكيد بمهنية وموضوعية. تأسست عام 1996م من ضمن رؤية اعلامية قطرية شاملة مرئية ومقرؤة ومسموعة بهدف ربط الشارع بالأحداث حول العالم، وتجمع بين قوّة الكلمة، وعمق القصة، وسابقيه الخبر ومصداقيته وتنبذ في رؤيتها العنف والدكتاتورية والقمع،هي احد اهم استثمارات القوة الناعمة القطرية الحضارية.
من الصعوبة بمكان الإحاطة في هذة العجالة بنجاحات وانجازات هذة القناة الرائدة الغنية عن التعريف وتأثيرها المهني المتصاعد المتعدد الاوجه على الصعيد العالمي هذة المقدمة تكتيك لا بد منه لتناول دورها كعين ثاقبة لما يحدث في غزة من حرب إبادة تشنها اسرائيل دون هوادة على المدنيين الفلسطينيين فترصد تلك المجازر ومعاناة الغزاويين وصمود المقاومة وسادية الاحتلال استطاعت قناة الجزيرة ان تكسر حاحز العمى الاعلامي الذي ارادته تل ابيب وواشنطن والعديد من العواصم الاوروبية بتواطئ واضح مع الكثير من الاعلام الغربي الذي يدعي أنه حر لكنه مقيد مثل الكلب من الصهاينة ويكرر دعايتهم كل ذلك من اجل تمرير الارتكابات والمجازر خلسة بعيدا عن اعين الجمهور،وأن اضطرار بعض تلك القنوات للتعاطي مع الحدث انما تم بسبب ضغط الصورة التي نقلتها الجزيرة الى العالم فأحرجت تلك القنوات واخرجتها عن صمتها بشكل نسبي.
تاريخ السابع من أكتوبر/تشرين الأول،فاجئ “طوفان الاقصى” العالم الذي تتطلب نفساً عميقاً لفهم ما يجري ذلك الترف غير موجود في اللغة الاعلامية فكانت الجزيرة كعادتها مستعدة لكل طارئ ومع اندلاع الحرب على غزة سلطت هوائها المفتوح على المسرح الفلسطيني بكواليسه الاقليمية والدولية بما يتطلب من اعين ثاقبة في الداخل الفلسطيني وخارجه من رصد للمجريات المتعلقة في الحرب والمؤثرة فيها السياسية والدبلوماسية والعسكرية والجماهيرية فاطلقت الجزيرة عدة برامج تحليلية مواكبة اشترك فيها شبكة من المراسلين والعديد من المحللين المرموقين
وفيما بدا انه تشارك ابداعي الى جانب اهم أسماء مراسلي الجزيرة في فلسطين المعروفين،استعانت بصحفيين محليين بغزة، لتغطية الأخبار في شمالها، بعد خروج مراسلي القناة نحو الجنوب،فكانوا قيمة اعلامية مضافة بمرونتهم.
والى جانب ترسانة مهيبة من ادوات التواصل الاجتماعي المعروفة، أطلقت خدمة “غزة تتواصل” على الجزيرة مباشر،نافذة خاصة لمن فرّقت الحرب بينهم.
وكذا خدمة البث الإذاعي على الموجة المتوسطة ضمن نشاطها الإعلامي للوصول إلى شريحة واسعة من الجمهور العربي بشكل عام وجمهورها في قطاع غزة على وجه الخصوص بعد الانقطاع المستمر للكهرباء والاتصالات بسبب العدوان الإسرائيلي على القطاع.
صحيفة “ذي غارديان” البريطانية أكدت أن الجزيرة تتفوق على منافساتها من القنوات الفضائية العربية من حيث عدد مشاهديها الذين يتابعون التغطية المباشرة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة،وذكرت أن صور الجزيرة باتت الآن متوفرة مجانا على موقع يوتيوب، مضيفة أن شقيقتها القناة الإنجليزية وموقع الجزيرة نت ساهما في وصول تلك الصور إلى العالم.
بايدن وادارته ونتنياهو وحكومته كانوا يخشون دخول الصحفيين الى غزة ورؤية الدمار وتوثيق الفظائع والمجازر ما من شأنه تحول الرأي العام خصوصاً الغربي عن دعم اسرائيل وانقلاب الامريكيين على ادارتهم والمشروع الاستعماري الذي يرتكب ابادة جماعية ولا يريدون للحقيقة ان تظهر لذلك يستهدفون الصحفيين بالمنع والتهديد والاعتقال والإيذاء والقتل،وقد فاق عدد الشهداء الصحفيين الذي اغتالتهم اسرائيل في حربها الحالية على غزة حتى الان (109) شهيداً.
وقد رضخت او تواطئت كاميرات وميكروفونات شاشات أميركية وأوروبية عريقة،وتوقفت عند تاريخ السابع من أكتوبر/تشرين الأول،وانشغلت بالتركيب وسرد آحادية الرواية الصهيونية ومفادها ان اسرائيل تخوض حرباً بهدف انقاذ الحضارة الغربية وقيمها وهذ دليل ان اسرائيل هي مشروع استعماري استيطاني محدد بجزوره الاوروبية
كتب تيودور هرتزل قائلاً: يجب علينا ان نشكل جزءاً من متراس اوروبا ضد آسيا وهو موقع امامي للحضارة في مواجهة الهمجية وهذا هو بالضبط نفس الخطاب الذي يعيد انتاجه نتنياهو لانه يقول الفلسطينيين متوحشون ويعارضون القيم الغربية لانه يعلم ان هذا يروق للعنصريين والمساعدة في صنع الموافقة على ما تفعله اسرائيل وما يفعله هو تحويل الشعب الفلسطيني الاصلي من شعب له الحق في المطالبة الكاملة بارضه الى شعب غير عقلاني متوحش متخلف لا ترتبط كراهيته وازدرائه للمشروع الصهيوني بشيئ اكثر من معاداة السامية وحقيقة انه ببساطة يعارض القيم الغربية.
في هذا الوقت كانت الجزيرة تكشف ما ترتكبه قوات الاحتلال في عموم فلسطين لا سيما في غزة من جرائم جماعية وإبادة انسانية، وأن مأساتهم لابد أن يراها العالم وتقول: انك اذا استمعت فعليا الى الفلسطينيين كبشر والى مطالبهم فسوف تدرك انهم هم من يتشاركون مع المتحضرين الحقيقيين القيم النبيلة والاصيلة وهذا يرعب الحكومات الغربية في مصالحها الجيوسياسية داخل المنطقة وان الوعي الذي بدأ يتشكل لن يسمح لاسرائيل بالاستغراق في خيالاتها الاستعمارية الاستيطانية .
جوهر هذة التغطية الإعلامية التي اعتمدتها قناة الجزيرة،لم تُرض قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي،فأخذت بالتضييق عليها واستهداف مراسيليها واسرهم وعائلاتهم بالتهديد والقتل،ونقلت القناة 13 الإسرائيلية عن محرر الشؤون الفلسطينية لديها،تسفي يحزقيلي تأكيده بأن عائلة وائل الدحدوح كانت هدفا لقصف الجيش، مؤكدا أنهم يعرفون ما يضربون بالضبط.
هذا السلوك سابق للهجوم على غزة عندما اغتالت في 11 مايو 2022 مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة أثناء تغطيتها للأحداث الدائرة في مدينة جنين الفلسطينية.بل يذكرنا بما هو اسبق للثمن التي تدفعه الجزيرة لقاء رسالتها الاعلامية ففي 8 أبريل 2003 ضرب صاروخ أمريكي مكتب قناة الجزيرة في بغداد، مما أسفر عن مقتل المراسل طارق أيوب وإصابة آخر.
وفي سياق تغطية الحرب الحالية على غزة تعرضت لهجمات إلكترونية مكثفة،فقد أعلنت شبكة الجزيرة الإعلامية أن مواقعها وأنظمة عملها تتعرض لمحاولات اختراق إلكتروني متزايدة هدفها تعطيل أنظمة النشر والبث تزامنا مع تغطيتها للحرب على غزة.
وقد تبين للطواقم الفنية في شبكة الجزيرة، التي تتصدى لهذه المحاولات أن معظمها “انطلق من عناوين رقمية IP موجودة لدى جهة منخرطة بالصراع الدائر حاليا، وبعضها الآخر استخدم تقنيات لإخفاء مَنشئها الحقيقي”.
وقالت الطواقم الفنية إن المحاولات المستمرة التي بدت مصممة على إلحاق الضرر تتخذ اتجاها متصاعدا ومنظما ومنسقا بأساليب وتقنيات عالية.
وأكدت شبكة الجزيرة أنها تحتفظ بحقها القانوني في ملاحقة ومحاسبة كل من يقف وراء هذا الاستهداف.
وأدانت الشبكة بشدة استهداف المدنيين الأبرياء في غزة، وأعربت عن قلقها على سلامة مراسليها وطواقمها في القطاع، وحمّلت السلطات الإسرائيلية المسؤولية عن أمنهم.
ومع الاعتداء الخامس على طاقم قناة الجزيرة في غزة من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي الذي كان آخره استشهاد الصحافي حمزة الدحدوح وكان باسابيع سبقه استهداف والده المراسل وائل الدحدوح واستشهاد المصور سامر ابو دقة وهما يؤديان عملهما الصحفي في محيط مدرسة فرحانة في خان يونس ينبغي التحذير من ازدياد خطورة العمل الصحفي لان اسرائيل على ما يبدو ماضية في استكمال مجازرها وماضية في محاولة حجب الحقائق عن الرأي العام وهذا يتطلب وقفة اعلامية تضامنية عاجلة على مستوى العالم لانه لا يمكن الاستسلام لرغبات اي قوة اجرامية غاشمة تستهدف القيم الانسانية والاعلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى