الفجر الجديد

مقعد الماروني الطرابلسي المأزوم بعد الموت غصّة قبر …!?

بقلم المستشار الصحافي احمد درويش 

كان لوثـيقـة الوفاق الـوطني الـلبـناني “مؤتـمر الـطائف” اواخر عـام١٩٨٩، بـراءة إنـهـاء الـنـزاع الاهلي لاكـثـر من ١٥ سـنـة مـرهـقة وحـزيـنـة ، وكـان له الاثـر الـبـالغ لالـغـاء مـعـادلـة “الـغـبن والخوف”،ومناصفة الطوائف بتوزيع المقاعد النيابية و باقي السلطات.

فـتم الـتوافق عـلى جغـرافيـة التـمثـيل ، فنـالت طرابـلس مقـعداً مـارونياً مستحدثاً ، وكانت الباكورة بـإكمال مدة التمثيل للمقاعد الـشـاغـرة بـالـوفـاة. فـتم تـعـيـن الـنـائب الـراحل جـان عـبـيـد مـكانا is لـرئيس كميل شمعون تمهيداً لتمثيل طرابلس وهي مدة شهور لـيـصـار بـعـدهـا إلى انـتـخـاب اليـاس عـطـالـله “الـشـوف” نـائـباً عن طـرابـلس، ثم عـودة لجـان عـبيـد (قـضـاء زغرتـا) ثم لـسـامـر جورج سـعـادة (الـبـترون) بمـعـنى ان ثلاثـة نـواب مـثّلـوا مـوارنـة طـرابلس وهم من خارج قيودها.

وكــانت مـبـادرات مـتـتـالـيـة من شــخـصـيـة مـارونـيـة طـرابـلـسـيـة مـؤمـنة بـأحقـيـة السـجل الماروني الـطـرابلـسي ، وهو رجل الاعـمال المــعــروف وابن الـعــائـلــة الـطــرابــلـســيـة المــتـجــذرة الاسـتــاذ جـورج شـبطيـني. ولكن بلـدوزورات اللوائح والـتحالـفات حالت دون ذلك، رغـم انه في دورة ماضـية عُرض عـليه خـوضهـا ضمن لائـحة وازنة فآثر الانسحاب لاسباب منطقية…

المـقـاعد الـسـنيّـة الـطرابـلـسيـة حـصراً لـسـنّة طـرابلـس، ومقـعد الــروم الارثـوذكس حــصـراً لـروم طــرابـلس، يــبـقى المـقــعـد المـاروني إســقـاطـاً عـلى المـديـنــة من بـقـيـة المحـافـظــات والاقـضـيـة “مـقـعـد إعــــارة”، وفي مـــقـــال ســـابـق لي عـــنـــوانـه “يـــا مـــوارنـــة طـــرابـــلس انتفضوا…”

… فـي انتخابات ٢٠٢٢ الاخيرة سـمعت لأول مرة باسم القواتي (الـطرابلـسي) السيـد ايلي خوري، مـن احد قيـادات تيار المسـتقبل فـي طرابلس سـابقـاً، وفي منـزله تحديـداً وهنـاك من يؤكـد صحة الـــكلام، انــني تــفــاجـــأت وقــلت له: “قــواتي نـــائــبــاً عن طــرابــلس ، واستشهاد رشيد كرامي غيلة ما زال مرارة في الحلقوم???”… 

فـصعـقني برد: “الـناس نسـيت الشهـيد رفيق الحـريري وانت ما زلت تذكر الشهيد رشيد كرامي?”

اعــتـقـد انـني انـهـيـت المحـادثـة بـقـولي: “الـكــثـيـر وانـا من ابـنـاء طرابلس لم ننس ولم نسامح!”

واســفــرت المــعـركــة الانــتــخـابــيــة عن فــوز الـســيــد ايــلي خـوري وبأصوات تفضيلية ، معروف من اين اتت الاوامر لها!!…

ايـلي خـوري نـائبـاً طـرابلـسـيـاً مارونـيـاً قراره في مـعـراب، وليس عند اللائحة القوية التي تحالف معها!?..

ايـلي خوري للشـهادة انسان هـادئ محاور ومتـواضع، لكنه منذ بــدايـة ولايـته وهـو يـعـاني بـين مـوقــعه الـنـيـابي ومـوقـعه الحـزبي، 

دقيق الحركة يقيسها بالميللي… 

وكـما صار واضـحاً ان نواب طـرابلس تقريـباً صاروا فـسطاطين ، ومــجـمـوعـة نـيـابـيــة مـنـهم لا يمـكن ان تـقــبل حـتى دعـوة الـنـائب خوري للاجتماع او الانضمام او المشاركة..

ايـلي خـوري (بعـد المـوتة غـصّة قـبـر)، خطـواته محـسـوبة بـدقة، حــضــوره رمــزي، نــشـاطـه عـادي نــاقص واحــد، يــعــيش غــربـة في بلده .

وبعد هذه الهزات والتطويق الطرابلسي من اكثر من جهة.. ولا انــسـى ان اذكــر ان عــشــيــة الانــتـخــابــات امــتـلأ شــارع عــبـد الحـمـيد كـرامي ومسـتديـرة النـور ورُفـعت يافـطات عـملاقة عـليـها صـورة الـشهـيد رشـيـد كرامي وتحـتهـا عنـوان “لا تـقتـلوني مـرتين ” فصار شبه معروف من هو صاحب الفكرة…

وزاد فـي الطين بلّة تصريحات عـقدة مأزومة تتمثل في ذكريات تـعـود لألف واربـعـمـائـة سـنة مـاضـيـة، ورغم تـوضـيح زمـيـلـته غادة ايـوب لم تفلح هي الاخرى إلا في زيادة ازمـة التمثيل القواتي في المناطق ذات البُعد (الهجرة الرائدة).. وبـكـومـيديـا مـضـحكـة تـوهـمات “الـفـنّاص الـزحلاوي” المتـلـبس شـخصية دونكيشوت في رائعة “سرفانتس”، ثم إلى مواقف سابقة حـول مـواقـيت رمـضـان بين الـتـقـديم والـتأخـيـر المـعـبّر عـنـهـا “لـنا تـقـويمـنـا ولهـم تقـويمـهم” و لـو ان الامـر يتـعـلق بـسـاعـة ليس من الضروري ان تكون بهذه البشاعة!?.. 

ثـم دور “ابو رغال” العصر الحديث شارل جبور، واهتزازه الدائم”بــاركـنــسـون طـائــفـيــة” انه يـعــيش بـين نـاس لا يــشـبــهـونه، وهـذه مـكـرمـة لـنـا انـنـا فـخـورون بـأنـنـا لا نـشـبـهه، ولـو قـبـلـنـا لـسـقـطت كـرامـتنـا ووطنـيتـنا وادبـيـاتنـا السـياسـية، ولـكن غـايته اسـتحـضار وتغذية التوتر السني الشيعي… و”خيّط بغير هالمسلّة”..

ايـلي خـوري والانـتـماء في الجـغـرافـيا الخـاطـئـة يسـدد فـواتـير قـــيــادته دون المس بــحـــريــته وامــنه، ولــكـن حــصــره ضــمن قــارورة مُحكمة الإغلاق تكابد المد والجزر على شواطئ طرابلس..

المــقـعـد المـاروني المـأزوم يـعـيش هـاجس الخـوف من تـصـريـحـات قـواتية من اربع رياح الجغرافيا الـلبنانية التي هي وإن صارت اقل شــأنـاً من مـدفع الافـطــار الخُـلّـبي المحـشـو بـالــبـالي من الـقـمـاش كصوت الطبل الفارغ!?..

ويـبقـى تاريخ ١٤٠٠ سـنة مـضت منـارة للـبصـائر وليـس لعـميان القلوب والعيون…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى