الفجر الجديدخاص الفجر الجديد

حين يدفن شعب وهو حي!


كتب الصحافي نبيل حرب
الشعب اللبناني متروك لقدره…
اوصلوه الى القعر وقطعوا عنه حبال النجاة…
سرقوا فلوسه في المصارف،بعدما سرقوا احلامه وقدرته على النهوض…
سرقوا مستقبله وهجروا شبابه وكفاءاته الى اقاصي الدنيا…
ولمن بقي،او لغالبية من بقي،يريدون ان يحيا المرء ب٩ ملايين ليرة يقبضها كحد ادنى اي اقل من ٣ دولار باليوم…هل تصدقون؟
المنظمات الدولية تدفع للعائلات السورية النازحة في لبنان اكثر من ٤٠٠$شهريا مع تأمين بطاقات الاستشفاء مائة بالمائة والمياه والكهرباء ونفقات الاقامة والدراسة وباقي متطلبات الحياة…
الاونروا وباقي المنظمات الانسانية تدفع لللاجئين الفلسطينيين في لبنان مئات آلاف الدولارات او مئات الملايين لتمكنهم من الحياة الكريمة…
واللبناني المسكين يفتش عن بطاقة نازح ليدخل بها مستشفى…
اللبناني يفتش بين النفايات ليأكل…
اللبناني يموت على باب مستشفى اذا لم يتمكن من دخول جنة الأسرة البيضاء…
اطفال من لبنان ماتوا لان اهلهم ما استطاعوا ان يؤمنوا لهم ثمن  الحليب او الدواء…
عجزة لا يعرفون اي آخرة تنتظرهم والبعض ينام تحت الجسور وعلى الطرقات…
نصلي كي لا نمرض لأننا لا نمتلك ثمن الدواء…
نسوة تبعن انفسهن بعدما سددت بوجههن منافذ الحياة…
اطفال يعملون اعمال الكبار تحت الأرض حتى لا يرى بؤسهم من هم فوق الارض…
اكثر من ٧٠ بالمائة من الشعب اللبناني تحت خط الفقر!
لقد تحول لبنان الى مجتمع اسياد وعبيد،فالذين يتحدثون عنهم بسياراتهم الفارهة في المطاعم هم من المغتربين ومن نسبة ال١٥ بالمائة التي لم تتاثر بهذه الاوضاع لألف سبب وسبب او هي مستفيدة من الاوضاع،اما باقي الشعب ،ومعظم الشعب اللبناني، فهو يرزح، وان لم يتكلم حفاظا على كرامته وعزة نفسه، تحت اشد انواع الفقر والعوز…
انظروا الى آلاف الاشخاص الذين باعوا منازلهم ليعلموا اولادهم…
اسألوا محلات الصاغة كم من الاهل يبيعون كل يوم مجوهراتهم ومجوهرات اولادهم وهدايا مناسباتهم ليشتروا بثمنها الطعام…
انظروا الى الاعلانات على المواقع الالكترونية الى عدد السيارات المعروضة للبيع ليس بهدف التجارة بل لسد حاجة…
انظروا الى المواقع الالكترونية كم من الاثاث المنزلي يباع بأبخس الأثمان من اجل سد بدل ايجار او طعام…
انظروا الى عدد الاراضي التي يتم بيعها يوميا لمواصلة الحياة…
حتى الإرث لم يعد له قيمة، كان سابقا يبقى ذكرى من الاباء والاجداد،اليوم كل شيء معروض للبيع من اجل البقاء…
ادخلوا الى البيوت وافتحوا البرادات في المنازل تعرفون حجم المأساة…
انظروا الى ارتفاع عدد الذبحة الصدرية والموت المفاجئ عند الآباء نتيجة ضغوطات الحياة…
انظروا الى معدل ارتفاع الجريمة بسبب الفقر والفاقة والعوز…
ادخلوا المدارس وافتحوا”سندويش”الاولاد بغالبية الزيت والزعتر او الخبز الحاف او مي وسكر تدركون المأساة…
بربكم ماذا تفعل الناس لتحيا؟
لقد سرقوا مدخراتها في المصارف،ثم تدنى مستوى الرواتب بحيث اصبحت لا تساوي شيئا،وانعدمت فرص العمل الجديدة، وفي الوقت نفسه تدولر كل شيء،فكيف يحيا المواطن بأقل من راتب مائة دولار وب١٥٠$من المصرف وكل الاحصاءات تشير الى ان العائلة بحاجة الى الف دولار شهريا على الاقل لتتمكن من تأمين الحد الأدنى من  الحياة دون الاقساط المدرسية او الجامعية الأغلى بمعظمها من ارقى دول العالم؟
وهنا يظهر السؤال…
اين هي الدول التي تتحدث عن الانسانية والديمقراطية وآخر ما هناك من مصطلحات…
اين هي منظمات حقوق الانسان؟
اين منظمة الامم المتحدة؟
اين هي المساعدات التي يقولون انها تأتي الى لبنان وباسم من وكيف توزع ان وجدت؟
اين هي الجمعيات الدولية والمنظمات الانسانية ،بل اين العالم مما يجري في لبنان؟
اذا حصل فيضان او هزة او تهجير او مجاعة تقوم القيامة…لكن اذا حصل اغتصاب حقوق ومدخرات شعب بأكمله وافقاره  وتجويعه وتيئيسه وتهجير شبابه لا احد يتحرك…
تفضلوا ادخلوا الى بيوت فقراء بلادي وبيوت المهجرين واللاجئين والنازحين على ارضنا واحكموا بأنفسكم بعد المقارنة، يا حضرة المجتمع الدولي ،من يريد المساعدة اكتر ومن هو بحاجة للمساعدة اكثر…
حتى التعليم والكتب والقرطاسية والاساتذة والصفوف تؤمنوها لهم بالمجان،ونحن اولادنا بلا تعليم ولا جامعات ولا منح لأن معظم العائلات باتت عاجزة عن دفع الاقساط التي لا ترحم اكان في المدارس او الجامعات الخاصة،التي يفرض بعضها غرامات ان تأخرت يوما عن الدفع…
راجعوا سفارات بلادكم وانظروا حجم طلبات الهجرة التي تنتظر الجواب…
لن اقول اكثر،ذات يوم سيستفيق المجتمع الدولي ،هذا المجتمع الذي بنى امجاده على الديمقراطية والعدالة وحقوق الانسان وبنى التماثيل للحرية وكرامة الشعوب …سيعرف كم ارتكب من إثم جراء تخليه عن الشعب اللبناني الذي خسر كل شيء،وتم تعذيبه وافقاره وتحقيره وسلبه ودفنه على مرأى من  شعوب الارض قاطبة وهو حي!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى